في ذكرى عاشوراء الحسين "عليه السلام"نستذكرُ من مآسيها معاناةَ معسكر الحقّ في طفِّ كربلاءَ ، وحرمانَ الأطفال والنساءِ من الماء عمداً وظلماً وجوراً من قبل طُغاةِ بني أميـة ضد أهل البيت (عليهم السلام).
يمر بلدنا العزيز العراق اليوم بمرحلةٍ حرجةٍ تتعلّق بأمنه المائي، حيثُ تتفاقم أزمةَ شحةِ المياه في بلاد الرّافدين، مع انخفاض منسوبِ مياه نهري دجلةَ والفرات يوماً بعد يوم، ما يُنذر بعواقبَ بيئية واقتصاديّة واجتماعيّة خطيرة تُهدد حاضرَ المواطن ومستقبل الأجيال القادمة، وذلك بسبب اتّباع تركيا نهجَ تجاهلِ الاتّفاقيّات الدوليّة، وتغاضيها عن حقوق العراق التاريخيّة في مياهِ دجلةَ والفرات، ما نَجَمَ عنه انخفاض إنتاجية الأراضي الزراعية، وتهديد الأمنِ الغذائي، وازدياد الهجرةِ من القُرى إلى المُدن، فضلاً عن تراجع نوعيّة ونقاءِ مياه الشرب، وتفشي الأمراض المرتبطـة بالتّلـوّث والجفـاف.
من هنا فإنّنا ندعو الجهاتِ الحكوميةَ المختصة إلى تحملَ مسؤولياتها على جميع المستويات، دبلوماسيّاً من خلال الحوار مع دول الجوار، وفنّيًّا عَبرَ تطوير أساليب الري وتقنيات إدارة المياه، وتشريعيّاً من خلال سنِّ قوانين تُحافظ على مصادرنا المائيـة وتُرشّـد استهـلاك الميـاه.
فالماءُ ليس مورداً طبيعيّاً فحسب، بل هو شريانُ الحياة، وأمن المواطن القومي الذي لا يجوز الاستهانةُ به. فإما أنْ نحافظ عليه بخططٍ إستراتيجيّة وعملٍ جـاد، أو نواجـهُ أخطاراً لا يُحمدُ عُقباها.